الصفحة الرئيسية

الاثنين، 23 مايو 2011

فوبيا: الأوهام





 مدخل:
 قبل فترة بسيطة، اختلفنا (كعادتنا) أنا وأحد الأصدقاء، ليس لشيء وإنما لنجد مبرراً نملئ به فراغ أحد تلك الليالي الشاحبة من أي تفاصيل أو أحداث!!.
 نعم، فقد افتعلنا خلافاً دونما أن نصرح بـ كذبنا على بعض، خوفاً من أن نفتقد: حماسة الحوار، وروح الولاء لـ قناعاتنا الزائفة في ذلك الموضوع بالذات.
 أخذنا نتناقش، وكلاً منا يحاول إيجاد الطريقة المناسبة لإقناع الطرف الأخر. وبحكم إنني (الكاتب) صاحب: الألف قناع وكذبة، فقد بدأت أعدد له، وأستشهد بفلان وفلان، وأسرد له مما يدعم فكرتي مما قرأت ولم أقرأ، حتى قلت له:
 - هل تعلم يا صديقي بأن الشاعر النرويجي (هنري آبسن) في ديوانه (قصائد عالمية):
 بالأمس لم أنم أبداً ,,
 حاولت "أفضفض" لـ الظلام !!
 فشلت، وجروحي حكت ,,
 ويا ليتها عيوني: بكت ,,
 وسيّلت بالدمع الكلام ,,
 أحسني = اتكثبنت ,,
 وتبرعمت فيني صحاري من وجع !!
 سرقوا المطر مني بـ لمحة !!
 ولا رجـع ,,
 وكفنت جثمان الغمام ,,
 وقلت: أنـام !!

 ويقول الآديب العالمي (روبرت هيوز) في كتابه: ما كان لن يتكرر ,,
 أعتقد إن أفلاطون، وهو يطلق القيم المطلقة لـ الحق / الخير / الجمال
 لم يتصور أبداً، ولا حتى في أسوأ أحلامه، بأن زماناً سيأتي وتستخدم فيه تلك المفاهيم الثلاثة ذاتها بـ مضمون (نقيضها) تماماً !!.

 ويكمل (روبرت هيوز) في نفس الكتاب:

 كل شيء نتورط به = ندفع ضريبته مرة واحدة في حياتنا ،،
 إلا "الحـب" = ندفع ضريبته مرتين !!
-       مرة حينا نتنازل عن "أنفسنا".
-       ومرة أخرى حين "لا نعود" لنا ,, ولن نستطيع.

 وأيضاً يقول القاص الأيرلندي كولن فاريل، في روايته (أمنيات مباحة) :
-  " تلتصق صورنا على الجدران ،، أن تلتصق الجدران بنا !؟ فنصبح جزءاً لا يتجزأ منها !؟، نضيف عليها بعضاً من التفاصيل،، وتعكس علينا ظلاً من الجمود،، فتبقى الأحاديث حية منتعشة وسط ذاكرتنا،، تنقلنا من صورة لأخرى،، وتهب لنا صوت لحظة قد زالت ولم يبقى منها غير تلك الصورة المعلقة بألوانها الزاهية،، وابتسامة تلوح قسماتنا ببهاء مختلف،، وانسكاب لـ ضوء حبس داخل عدسه،، ونسل على ورقة ليعكسنا كما كنا،، وكما لن نكون ثانية !!. ربما !؟".

 هامش توضيحي:
 لدي بعض العقد القديمة، والتي أحاول دائماً وما زلت بـ تقنينها والإقلاع عنها.
وهي: إن كان هناك حواراً قد اشتد، وانتقل من مرحلة المناقشة إلى ركن التعصب وإثبات وجهات النظر، والتفاخر بالإطلاع والحجة،،
حينها أبدأ بممارسة نوع من أنواع استبداد النقاشات البيزنطية، وهو شائع بهذا الزمان للأسف وبكثرة، ويتمثل بتدعيم فكرتي بـ مقولات لفلاسفة وأدباء وشعراء عالميين، وأضيف لها بعض التفاصيل التي تشتت التركيز مثل: "في كتابه: كذا وكذا"، "والمطبوع في الدار الفلانية"، و,, و !!.
حتى يصل الطرف الأخر بعد فترة وينتبه بأن كل تفاصيل (وجهة نظري الزائفة) مدعمة ومستندة على كتب وأقاويل وروايات، وقد لا أبالغ إن قلت بأن أغلب من استشهد بهم = زائفون !؟

فـ الحبكة من أجل تمرير هذه الإستشهادات، تكمن بعدم معرفة الطرف الأخر بمن أستشهد بهم، أو بما قالوا أو كتبوا، حينها فأن أي كذبة أو معلومة زائفة تصبح واقعاً وحقيقة.




 ملحق:
 - هل تعلم ما هي أهم نظريات السينما والأفلام العالمية !؟
   Illusion   ~ الوهـم / الإيهام
  فمن خلال هذه النظرية، يمكنك أن تنتقل بكل مشاعرك، من عالمك الحقيقي وغرفتك الضيقة، إلى المساحات الشاسعة التي تصورها الكاميرا وتجبرك على معايشتها والإحساس بـ تفاصيلها.
 وقد ثبت بأن أكثر الأفلام نجاحاً في التاريخ، هي من استطاعت اقتلاع المشاهد من واقعة الحقيقي، حتى تقمص الشخصيات والأحداث والقصة.
 ولنا بالكثيرين الذين يخرجون بعد كل فلم سينمائي متأثرين جداً، حتى إنهم يسمون أنفسهم بأسماء الشخصيات، أو يسعون لاقتناء بعض ملابس أو إكسسوارات الأبطال، أو حتى أن يعيشوا لفترة زمنية بعالم خيالي ولا يستطيعون الخروج من (وهم) و(خيال) ما صور لهم.
 فـ أكثر المبدعين شهرة وعلى اختلاف فنونهم، هم الأوفر حظاً لـ امتلاكهم تلك "السطوة" اللذيذة أو المؤلمة لـ المتلقي، ويكونون قادرين على تصدير الأوهام حتى تصل لدرجة الحقيقة.

 لافـتات:
 (الحقيقة الشخصية)، والتي قد يؤمن بها أي شخص، ويهزأ أو لا يكترث لها الكثيرين، هي نتاج تراكم هائل من المشاعر والمشاهدات والتجارب والأفكار والرغبات والانفعالات والافتراضات والميول وووووو.
 لا يتطابق شخصان بهذا الكون أبداً، لأن الأوهام الشخصية تصارع الحقيقة الكاملة في حياة كل شخص، فـ نختلف.
 إن ما تستقبله أنت من كل ما حولك، لا تحدده: حقيقة الأشياء، بل هي ما تنقله له نظرتك المتأثرة من تفاعلاتك الداخلية حين المشاهدة. فكم مرة شاهدنا نفس المشهد مرتين بأوقات مختلفة، وكان هناك فارق في النظرة والفكرة والإحساس !؟. 

 ملاحظات مهمة:
- هنري آبسن هو كاتب مسرحي نرويجي، وليس شاعراً ولا يمتلك ديوان باسم: قصائد عالمية، ولا يملك أي قصيدة أيضاً من أي نوع.
- الآبيات تعود لـ الشاعرة أمنية الراجع (الراهبة)، مع العذر لـ تشويهها عمداً كي تكون أكثر إقناعاً، وتدعم كذبتي بـ احترافية.
ليس هناك أديب أسمه: روبرت هيوز، وإنما أسم مفتعل ومركب.

كولن فاريل هو ممثل إيرلندي، والمقطع هو من رواية (أمنيات محرمة) لـ المدونة (الزين).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق