الصفحة الرئيسية

الأربعاء، 15 يونيو 2011

فوبيا: الكذب





-       هامش قبل البداية:
من الأمور المثيرة لـ الضحك: هي أن تمارس بعض الأشياء بتفاني لفترة طويلة، وأنت لا تعلم لماذا !؟


-       الحقيقة الثانية :
 أكاد أجزم بأن هناك إجماعاً عام في كرتنا الأرضية قاطبة، والمجرات المحيطة بها، على إن "الكذب" لا يُعد حلاً أبداً، وإنما يعتبره البعض متنفساً لهم، وآخرين يستخدمونه كقناع يختبئون خلفه، والجزء الأخير يمنح نفسه بعض الوقت الإضافي من خلاله.
 فنجد من الصعوبة بأن تعيش الحقيقة نفسها في غياب الكذبة، فمعنى الأخيرة يعطي الأولى صفاتها البرجوازية. فالحقيقة إن بقيت خالدة لوحدها فستملنا ونملها، حتى تكذب هي علينا، كي تجد متنفساً أو قناعاً أو تستقطع لذاتها وقتاً بعيداً عنا.

-       الكذبة الأولى:
 الجميع يعمل على ترتيب الكذبة وتزيينها، فيجب أن تخرج من الشخص بأناقة وإبداع دائماً، فهو ينمقها ويحاول خلق تفاصيلها، ويعيد صياغتها مرات ومرات قبل أن يخرجها. أما الحقيقية: فلا تحتاج إلا لـ قولها فقط، حتى لو كانت قبيحة !؟ .
 ومن هنا، نرى بأن الفن والحب من الكذب الجميل، لأنهم يحتاجون لترتيب وتزيين، ويسعى الشخص لإخراجها بأناقة وإبداع دائماً، فينمقها ويحاول خلق تفاصيلها، ويعيد صياغتها مرات ومرات قبل أن يخرجها.

-       الكذبة الأخيرة:
أي اثنين يتبادلان وقتاً للحديث الحقيقي حول كذباتهم الأخيرة، فإنك لن تستغرب إن قص الأول حكايةً حول حادثةً ما، فجاوبه الثاني: "لا تقول علمته" !؟، وحينما يؤكد له بأنه كذب ولم يفعل تلك الفعلة الشنعاء (بقوله لـ الحقيقة)، يجاوبه بأريحية: "زين سويت" !!.
 إذاً فعلمياً يثبت لنا هنا بأن: الكذب = عادة حسنة، فلا تخجلوا منها.

-       غ ـصة قصيرة:
أعود مسرعاً كل يوم بعد نهاية عملي، وأنا في قمة التذمر إما من حالة الطقس الحارقة في بلدي، والكذب الفاحش الذي يمارسه علينا مركز الأرصاد الجوية، حتى تخيلت بأنهم يستعرضون حالة الطقس لأماكن أحلامهم وليس الواقع هنا!؟. أو أكون متذمراً من شدة ازدحام الطرق هنا أيضاً، وهذه كذبة أخرى نخلقها سوياً في هذه البلاد، كوننا جميعاً نتذمر منها، وفي نفس الوقت نستمتع بها، ونبحث عنها أو نختلقها في أوقات أخرى.
 الأهم هنا، فإنني أعلم بأن راتبي قد أودع في المصرف من ابتسامة "نيكولاس" وهو ينتظرني أمام مدخل المنزل بانتصاب وفرح كاملين، ولا أعلم حقيقة تواطأ المصرف مع نيكولاس هذا. ولكنني أعلم جيداً بأن سيارتي تبقى نظيفة فقط بأول خمسة أيام قبل نزول الراتب، وثلاثة أخرى بعدها.
 أجاوبه الابتسامة الصفراء، بأخرى أكثر اصفراراً، وأنا أداعبه قائلاً: " ما شاء الله هذا الشهر السيارة في قمة النظافة دائماً"، يطرق رأسه خجلاً: " أي بابا"، وأدفع له المبلغ كاملاً وأنا بقمة سعادتي، كوني أعلم بأنه يكذب علي شهرياً، وقد أكون أدفع له من أجل كذبته لا عمله. وهو يواسي كذبتي بنظرة المستغفل للمغفل ولسان حاله يقول: " لقد أرضيت غرورك وسيارتك معاً"، فهو له الحق بأن لا يغسلها أبداً، كونها من جيل قد تتعطل بمجرد أن تشعر بأن المياه قد داعبت جسدها، وأنا من جيل قد وجد بأن الكذب ذاته يعد أحد مكملات المظهر الخداع الذي رسمته لنفسي، فللصدق طريقاً واحداً، وللكذب عدة طرق.

-       الحقيقة الأولى:
الكذبة هي أن تقول الصدق بـ طريقة مغشوشة.

-       مخرج:    
 الميزة في "الكذب" هي إنك تكذب على الآخرين بنفس الطريقة المتوقعة، ومع هذا يتأثرون بما كانوا يتوقعون بأنك ستقوله !!.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق