الصفحة الرئيسية

الاثنين، 21 مارس 2011

فوبيا: الآماني


همسة قبل البداية:
حلق بـ حزنك ,, نحو السماء
وانجوا بـ ابتسامة، وقلب كان لك
وخلف من بعدك: كائناً من يكون.


مفترق طرق:
هي إحدى تلك الأيام الاعتيادية .. قبل سنواتٍ مضت ..
لم يكن بها من جديد \ مميز .. سوى إنني قررت أن أشتري هدية لـ مناسبةً ما تخص أحدهم
وإذ تقع عيناي على "بطاقة معايدة" ..
شدني مضمونها القائل : حبيبي، إنك استجابةً لدعواتي..!!
وكتب بداخلها: لم تكن تماماً ما تمنيته،، ولكن يبدو بأنك هو الجواب.
والغريب في الأمر: بأنه في لقائي الأخير لـ صاحب الهدية المقترحة .. كان قد غضب بشكل ثائر وقال لي: لم تكن أنت ما حلمت به لحياتي !!! .. فـ اقتربت أصلح ما اقترفته وهمست: لكنني أراهن بأنني أفضل مما تمنيته كاملاً ..
فـ امتزجت الدموع بـ تلك الابتسامة التي أعشق
.

حينها فقط .. قررت أن أشتري تلك البطاقة .. وألصقتها على صدر تلك الهدية التي اشتريت .. وذهبت وأنا أراجع نفسي وأعدد المرات التي خُيل لي بأن دعواتي لم تُستجب !! ..
وأتذكر بأنني كنت طفلاً صغيراً .. عندما أتيت لـ والدتي وأنا مبتسماً .. وأقول لها: أماه،، هل تذكرين تلك المسرحية المدرسية التي لم أٌقبل بها ؟؟
فردت بانتباه : وكيف لي أن أنسى (فـ خيبتي آلمتها بكل تأكيد)
أتعلمي يا أمي.. بأنني اليوم قد دٌعيت لمرافقة فريق المدرسة لمنافسة الرياضة التي أعشق .. أتعلمي لو أنني قبلت في ذلك الدور المسرحي .. لما تمكنت من الاشتراك في هذه المنافسة التي أحلم من سنتين ..
فـ ابتسمت وهي تسبقني بالكلام
: لم يكن تماماً، هذا ما تمنيته .. ولكن يبدو بأنه هو الجواب 

كبرت وتخرجت من الثانوية .. وتأتي الانتكاسات متلاحقة .. حين رفضتني كل البعثات لإكمال دراستي في الخارج .. وعلى جيلي لم تكن هناك جامعات خاصة قد أوجدت في بلادي !!
وحدها جامعة الدولة التي قبلتني لـ طول قامة ((نسبتي)) في أحد التخصصات التي أكره - لم يكن هذا ما تمنيته !! - فما كان مني إلا أن تركتها والتحقت في أحدى الدورات التخصصية لم تأخذ وقتاً طويلاً وتوظفت ..
ولله الحمد .. هي وظيفةً لم احلم بها .. من حيث كل ما أردت أن تكون وظيفتي عليه - يبدو هنا .. بأن هذا هو الجواب.

هنا كُنت قد وصلت إلى ذلك العشاء الاحتفالي، وقدمت هديتي، وأخذ المحتفى به بالضحك طويلاً لدى مطالعته لتلك البطاقة متذكراً حديثنا الأخير وقال: لا بأس بها, إنها تحمل حكمة عميقة جداً.

في السنوات التالية وفي أوقات مختلفة حدث كثيرا أن تمنى الواحد منا أشياء كثيرة لم تتحقق فتبرز فيني العبارة\القاعدة : ليس هذا بالضبط ما تمنيته, وفي بداية الخريف حينها ، تلقيت مكالمة هاتفية خارجية
، هرعت مسرعاً بعدها حتى وصلت حيث كانوا !!
فاستدرت نحوها وفي صوتي هدوء غير طبيعي ينم عن خوف عميق : لقد أُدخل (....) غرفة العمليات قـلبه مصاب بتلف خطير !!
لدى دخولي قاعة الانتظار في المستشفى لم تنبس شفتي بكلمة ... !
وسلمت على الموجودين بصمت ثم جلست قرب قريبٍ لي ..! راقبنا المريض ثلاثة أسابيع واستعاد بحول الله وعيه..
وفي صباح يوم رائع شد يدي.. ولكن على رغم استقرار قلبه برزت تعقيدات أخرى ..!!

أكتظ جناح مريضنا بالمستشفى بـ باقات الورود المتمنية بالشفاء أو التي تحمل الدعاء بالصحة وغيرها .. حتى وقعت عيناي على أحدى البطاقات المرافقة لأحدى تلك الباقات وقد كتب فيها: ثق بـ مشيئة الله يا صديقي ..
أحسستُ كثيراً .. أن البطاقة بحاجة إلى تعديل .. وهكذا جلست صباح اليوم التالي في خلوة في المستشفى ودعوت: "يا الله، أعرف أمنيتي، لكنها قد لا تكون أفضل جواب لمريضنا.. أنت أيضا تحبه لذا أتركه بين يديك ولتكن مشيئتك لا مشيئتي".
في تلك اللحظة شعرت أن عبئا ثقيلا رفع عن كاهلي.. خلال الأسبوعيين التاليين كانت حال المريض تراوح بين تحسن وانتكاس.. إلى أن شاء الله ومات مريضنا .
احتضنت قريبي وتركته يبكي.. وعيناي قد عانقت السماء الزرقاء من خلال تلك النافذة أمامي .. ورحت أفكر في مريضنا المتوفى .. وتلك السنوات التي كان سيقضيها في عجزه لو لم تكن هذه مشيئة الله .. وإذا بـ قريبي الذي احتضنه يهمس في أذني
يبدو أن ذلك هو الجواب ..
همسة بعد البداية:
لا تحلق بـ حزنك ,, نحو السماء
وانجوا بـ ابتسامة، وأترك كل قلب (كان) لك

لأن لن يتبعك: كائناً من يكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق