الصفحة الرئيسية

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

مشروع ليلى



-       كلاكيت أول مرة (قرررر... ف)
     
 مع نهاية عام 2009 أطلق مشروع ليلى أسطوانته الأولى والتي كانت بعنوان مطابق لأسم الفرقة، تسع أغنيات تعلن التحدي على الواقع والمحيط بنوعية الموسيقى نفسها أولاً، وبمواضيع أتسمت بالغضب والضجر والقرف من كل شيء وقتها، في ذلك الوقت كانت الدنيا تتحرك إلا عالمنا وحده يدور حول نفسه "كأني عارف المكان، وشكلي ملخبط بالزمان"، نفس القضايا القديمة ونفس الصراع المتكرر ونفس النتيجة دائماً، لا شيء يتحسن وإنما الفيلم يعاد تشغيله من البداية كلما أنتهى "صرلنا خمسين سني من حارب، الحرب نفسها، ما مننسى"، وتأتي الصرخة معلنة هذا الملل والقرف بنفس الأغنية التي حملت عنوان (من الطابور) "قرفنا الدين، تعبنا ذل، شتائنا الجوع، شبعنا من الخرى"، لا شيء أكثر صراحة من ذلك، غضب وضجر وقرف.
 العمل الأول طرق أبواب عديدة، مواضيع معروفه للجميع ولكن لا أحد يتكلم عنها إما خشية من المزاج العام وإما لتكرار نفس المشكلات حتى أصبحت جزء من الهوية المجتمعية لهذا الجزء من العالم، فقضايا مثل ارتباط مختلفي الأديان كانت حاضرة في أغنية (فساتين) "بتتذكري كنتي تحبيني، مع اني مش داخله دينك" ، والإقصاء السياسي والتفجيرات في أغنية (عبوة)، الاستبداد الوظيفي وخصوصاً للعساكر في أغنية (عالحاجز) "بيتي هون مش جاي أفجره، ناسي الكون عاملني شغله"، المثيليه الجنسية في أغنية (شم الياسمين)، الاستبداد الذكوري في المجتمع الشرقي في أغنية (إم بمبليلح)، وغيرها من المواضيع بقية الأغاني التي حاكت الشعور العام وقتها.
 الحل المقترح وقتها مع بدايات عام 2010 أتى عبر كلمات أغنية (خليها ذكرى)، وهو الخلاص الفردي من سطوة المجتمع، واقتراح الهجرة كحل نهائي من قرف هذا المجتمع "جايي عبالي سفر، لحالي هاجر، غير لون شعري، زبط مكياجي، خبي باسبوري، لحالي"، فلا شيء وقتها يدعو للتفاؤل، وحل مثل الثورة وقتها لم يكن مطروحاً أساساً، ولا البوعزيزي تلقى الصفعة بعد "مسكتيلي أيدي ووعدتيني بشي ثورة، كيف نسيتي، كيف نسيتيني؟"، هكذا بدت أفكار شريحة كبيرة من الشباب خصوصاً في ذلك الوقت، ففكرة الوطن نفسها كانت في أضعف أشكالها، وفكرة إحداث التغيير بدت ضرباً من جنون لا أكثر.


-       كلاكيت ثاني مرة (حــــلم)
     
 مع انطلاقة الثورات العربية عام 2011 بدى بأن ما كان ضرباً من جنون قد يصبح حقيقة، هناك بذرة أمل قد نسيها الواقع وبدأت فعلاً تغرس جذورها بالأرض وتنمو، فقدم أعضاء مشروع ليلى في البداية أغنية منفردة بعنوان (غداً يومٌ أفضل)، واتبعها باسطوانته الثانية التي أتت بعنوان "الحل الرومانسي" ومكون من 6 أغنيات.
 اللافت في العمل الثاني بأن مسألة الخلاص الفردي قد بدأت تتضاءل أمام أمل العمل الجماعي والدعوة لمشاركة الجميع بالتغيير قد أقصت الحلم الشخصي بالهروب من هذا المجتمع عبر بوابة الهجرة "قوم نحرق هالمدينة، ونعمر واحدة أشرف، قوم ننسى هالزمان، ونحلم زمن ألطف"، والفريق كعادته لم يتخلى عن سخريته من الواقع "ما زالك بلا شي، ما فيك تخسر شي"، وكذلك مجموعة الأغنيات الأخرى بدت تترك إعلان الضجر والقرف من سلوكيات هذا المجتمع، إلى محاولات ودعوات لتصحيح بعض السلوكيات، السعي نحو خلق مجتمع أفضل، ولم لا طالما بذرة الأمل بالفعل قدت بدأت تثمر عند الجيران "زفوا العروس زفوها"
 صحيح بأن الحلول المطروحة وقتها لم تكن سوى أكوام من الأحلام والآمال، التغيير ما زال يحاول يشكل نفسه، والحل لم يدخل حيز التنفيذ ولم يواجه الواقعية بعد، ولكن "الحل رومانسي بس مش غلط".



-       كلاكيت ثالث مرة (إحباااااااط)
     
في البداية كانت أغنية (ونعيد ونعيد ونعيد)، محاولة من بقايا الأمل ان تثبت عزيمتها "قل لهم لسا شايفين" "قل لهم مش جيعانين"، ظلال الحل الرومانسي قد اختفت من هذا الألبوم، ولكن الرهان في البداية كان عبر هذه الأغنية بالحفاظ على الأقل بالفطرة الانسانية "فينا نرفض ناكل بعض"، دعوة مفتوحة للاستمرار بمحاولة التغيير "قل لهم لسا واقفين، قل لهم لسا صامدين"، محاولة جادة للم الشتات، ومحاولة قد بدت يائسة فيما بعد، ولكن كانت هنا في هذه الأغنية بالذات بقايا أمل للتحليق "فينا نحلق فينا انطير، لما نرضى بالزحف". جدياً أتوقع شخصياً بأن هذه الأغنية كان من أول ما أنجز في هذه الاسطوانة التي حملت عنوان (رقصوك) وصدرت هذا العام 2013. كل أغنية أخرى ضمتها هذه الأسطوانة تحمل يأس وهزيمة من نوع أخر، إذ بدت غيمة الأمل التي لاحت في السماء منذ سنتين قد أبت أن تمطر وفضلت أن تتلاشي في السماء.
 في أغنية (للوطن) كانت الخيبة الأولى واضحة "بس تتجرأ بالسؤال عن تدهور الأحوال، بيسكتوك بشعارات عن كل المؤامرات"، وكأن الزمن بدأ يعيد نفسه، والأسباب واضحة "خونوك القطيع كل ما طالبت بتغيير الوطن"، "يأسوك حتى تبيع حرياتك لما يضيع الوطن"، "خدروك بالوريد قالوا خمولك مفيد للوطن"، النغمة واحدة والخيبة واحدة، ومن هنا تبدأ الرقصات تتوالى داخل هذا العمل "حاج تبشر، تعا رقصني شوي".
 وكما هي عمليات إعادة التعليب لتشكيل المنتج المطلوب، أتى تعليب الأحلام والبشر متساوياً من سلطة المجتمع نفسه الذي لم يستطيع التخلي عن كمية القرف الذي كان يعيش فيه "ركبوا عداد مصمم ع ما راق لهم بمحل قلبه"، حيث اقتلعت البذرة التي خيل لنا قبل عامين بأنها ستثمر حريات، والجميع بدأ يغرس بذرة الشكل المطلوب منك، ليس مسموح لك بأن تكون أنت، ولكن يجب أن تكون كما يراد منك أن تكون "طاردوك وهذبوك، ركعوك ودربوك، تتحرك زيهم"، "بالإيقاع استعبدوك، برمجوك وعلموك كيف ترقص زيهم"، وكما هي العادة الرقصة المطلوبة من الأغلب تنفي الفرد، وهذا ما حدث فعلاً "كان في خيار، وأنت رقصت"، "كنا أحرار، وأنت رقصت".
 الحل هذه المرة لم يأتي بالحلم الرومانسي الجماعي كما في اسطوانة 2011، ولكن بالخلاص الفردي كما هو في اسطوانة بدايات 2010، ولكن ليس عن طريق الهجرة وترك هذا المجتمع، وإنما بالمقاومة والثبات رغم صعوبة هذا الأمر، وأتى عبر أغنية (تاكسي). فالاعتراف بصعوبة المهمة في بداية الأغنية كان صريحاً "الطريق صعب وطويل وبيمتحن الروح"، وترك الخيارات مفتوحة للجميع بأن يتحمل كل فرد مسؤولياته تاجه أحلامه على الأقل ولا يرقص مع الجميع كأضعف الإيمان "في تسوق ما تنساق، بيرجعلك الخيار"، أن تبقى واقفاً وحيداً مشعلاً شمعة رغم كل الخذلان واليأس والاحباط، وضد رغبة الأغلبية ولو بشكل فردي هو الحل المناسب لهذه الفترة كما يراها مشروع ليلى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق