الصفحة الرئيسية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

فوبيا: المعرفة والإختيار




-         الاختيار حرية:
 طبيعي جداً أن يرتبط مفهوم الاختيار بالحرية الشخصية والاستقلالية الذاتية للفرد، الاختيار في ماذا أريد لنفسي ولمحيطي، في ماذا أريد أن أبدو عليه كي أعبر عن نفسي وشخصيتي، في ماذا أريد لمستقبلي وكيف سأكون.

 ولكن السؤال الأهم –دون التعدي على أحقيتك في اتخاذ القرار- هل فعلاً دائماً يكون الاختيار حقيقة وليس وهم؟، فمثلاً: لماذا نتذكر كل تلك الخيارات التي اتخذناها صغاراً نشعر بالخجل منها، مثل ماذا كنا نقول "بحرية" وماذا كنا نلبس وماذا فعلنا عن قناعة وقتها؟، أو حتى في مسألة التعبير عن النفس، لماذا نميل دائماً أو في الغالب للخيار الآمن؟. نعم نثور في وجه كل من يحدد لنا خياراتنا، ونطالب بأن نكون بكامل حريتنا للتعبير عن أنفسنا، ووقت ما يأتي الاختيار ننصاع للمتوازن الذي لا يتخطى حاجز المألوف وبنفس الوقت نميل ناحيته، أبداً لن نغامر ناحية المتطرف، لأن وقتها سوف ندخل في دوامة أخرى: هل هو مقبول؟ ألن يسخر منا الجميع؟ كيف سأبدو؟ هل أنا ملفت للنظر بشكل غريب؟ .. إلخ هذه الدوامة.
 وحتى فيما يتعلق بالمستقبل، فنحن دائماً نكافح من أجل أحلامنا بالطفولة، فهذا يريد أن يصبح مهندساً أو طبيباً، والأخر يريد ارتياد هذه الجامعة أو تلك الكلية، ولكن هل الاختيار هذا كان حقيقة؟، نعم قد يتحقق ولكن في الحالات الأكثر فإن الواقع يحد من خياراتنا والقدر قد يُكيفَنا مع خيارات أخرى. وبعد التقدم أيضاً في العمر وفي مرحلة بين ما بعد التخرج والوظيفة، تُنسف الكثير من الخيارات التي قررنا بأننا نريدها تحت مقصلة الواقع، فقد نجد أنفسنا في مجال وظيفي لا علاقة لنا به ولم نختاره، فخياراتنا قد اختلفت لأن هذا الجديد يحقق عائد أكبر، أو الأخر يحقق الأمان الوظيفي، وأحياناً نرضى بأي شيء لأن المتوفر نادر.
 الاختيار فكرة كبيرة، وهي الأداة التي نستخدمها كلما اصطدمنا بالقيود التي تكبلنا، ونعتقد بأننا لو أحسنا الاختيار فسنحقق طريقنا ناحية السعادة وهو أحد أشكال حريتنا، ولكن في الحقيقة على الرغم من أن الاختيار شيء رائع في حياتنا، ولكنه ليس جواباً لكل شيء، ولا يكون وحده منفرداً يربط بين ما نحلم به ونريده، وبين ما سيتم ويتحقق.




-         حق المعرفة، والاختيار:
جميعنا أيضاً يظن بأن من حقه أن يعلم بكل شيء يؤثر به شخصياً، فمن حقنا أن نعرف الحقيقة ممن يمتلكها فيما يحدد مسارات حياتنا، ومن حقنا أيضاً أن نختار بين الخيارات المتاحة أمامنا وفق هذه الحقيقة.
 ولكن، هل حق المعرفة والاختيار هو الشيء الأفضل لنا؟، لنأخذ مثال في النظام المتبع طبياً هنا في منطقتنا ونقارنه مع المتبع هناك في أمريكا مثلاً:
  هناك في أمريكا لو صادف أي زوجين عارضاً في عملية الولادة، واضطرت الأم للدخول في عملية قيصرية في الشهر السابع مثلاً، وخرج الوافد الجديد للحياة محملاً بالكثير من المشاكل الخلقية، فإن الطاقم الطبي (ملزماً: وفق حق المعرفة والاختيار) أن يمنح الأبوين هذين الخيارين:
1-  أما أن يرفع جهاز التنفس عن المولود وسوف يفقد حياته خلال ساعات.
2-  أو أن تستمر المحاولة، وقد يموت أيضاً خلال أيام، أو ممكن أن يتخطى هذه المحنة ولكنه سوف يبقى للأبد معاقاً دون ذاكرة أو عقل، ومشوه خلقياً ويحتاج لجهاز التنفس بشكل دائم ومستمر.
 الخيار هنا بالفعل صعب، ولكن في دراسة أمريكية تقول بأن أكثر من 90% من الأبوين يختارون الخيار الأول المتاح –وهو الخيار الذي ينصح به الأطباء أيضاً- رحمةً بحال مولدهم وكيف سيعاني مستقبلاً رفقة كل تلك العراقيل الطبية. وتكمل الدراسة بأن نسبة كبيرة من الوالدين يدخل دوامة تأنيب ضمير في مرحلة لاحقة، برفقة (ماذا لو) والإحساس بأنهم اشتركوا في جريمة، أو إنهم قرروا إنهاء حياة وفق إرادتهم وباختيارهم.
 هنا في منطقتنا فالأمر يختلف، لأن الأطباء يختارون الخيار الأول وينفذونه، ويتركون للوالدين خسارة الفقد مع الكثير من الارتياح لأنهم لم يدخلوهم في مسألة الاختيار، لأنهم يرون بأن حق المعرفة والاختيار قد يؤثر على مستقبل الاباء وشخصياتهم.
 إذن ما هو الوضع الصحيح؟ وهل فعلاً حق المعرفة والاختيار هو الأمر الأصح؟، أم عدم المعرفة والتخلي عن حق الاختيار قد يكون هو الأنسب في حالات معينة؟.  


 قد يتبع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق