الصفحة الرئيسية

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

"للفن قدرة على تخفيف آلام الحياة"



منذ الأسبوعين وأنا فعلاً مأخوذ بكل تفاصيل رواية الأفغاني خالد الحسيني "عداء الطائرة الورقية"، وصحيح بأن لها من الزمن ما لها، ولكن حالها كحال الروايات الخالدة في الأدب العالمي، ولا أبالغ فعلاً في هذا. فهي بمرتبة زوربا لليوناني نيكوس كازانتزاكيس، و1948 للانجليزي جورج أوريل، وغيرها من الأعمال التي تبقى في طليعة الأدب العالمي، صالحة لكل وقت، وممتلئة بالدهشة والقيمة الانسانية المضافة لكل من حضنها يوماً.
 هنا لن أكتب عن الرواية نفسها، لأن الكثير قد فعل وهي تستحق، ولكنني سأكتب عن جزء من مقابلة لخالد الحسيني نفسه في مرحلة ما بعد صدور "عداء الطائرة الورقية"، وكيف أنه خلاف لما هو سائد بأن الكاتب في الغالب يكتب عن تلك التجارب التي خاضها في حياته، وكيف أنه في عام 2003 قد شهد تجربة ما كتبه فعلاً بطريقة عكسية، حينما قرر أن يفعل مثل بطل روايته "أمير"، ويزور أفغانستان بعد رحيله عنها وهو في الحادية عشرة، ويعود لها وهو في الثامنة والثلاثين لأول مرة.
 ويشرح الحسيني كيف بأنه أول ما وصل إلى مكان منزله القديم في أفغانستان، وكيف أنه تذكر بأنه قد فعل هذا مسبقاً رفقة بطل روايته أمير، وكيف وقف معه أمام منزل والديه القديم، وكيف هي تجربة الفقد التي خاضها بالكتابة قد خففت على نفسه كثيراً من قسوة تجربته الشخصية، ويختم بأنه أكتشف كيف للفن القدرة على تخفيف آلام الحياة في أحدى جهاته الخفية.


 على نفس هذا السياق ولكن في جهة أكثر قرباً هنا، أستعرض حال هذا الوطن وكيف كان الفن في مرحلة ما من مسيرته يعبر عن همومه ومشكلاته، يسخر من سخافات بعض القائمين عليه وكيف لتلك الضحكة الممزوجة بالألم أن تخفف على سكان هذه الأرض من لوعة كل تلك الإخفاقات، ولا أقول أبداً بأنه حل لتغييب إرادة الناس، ولكن كانت وسيلة لتخفيف آلام الحياة كما يقول خالد الحسيني.
 أستذكر أشعار فهد العسكر، ومسرحيات خالد النفيسي وسعد الفرج، وأغنيات عبدالكريم عبدالقادر وعبدالله رويشد في مرحلة الغزو، والكثير من الأعمال الفنية التي صاحبت خيبات هذا الوطن، وكيف كان وقعها يخفف من قسوة جدية الحياة وحجم إحباط الواقع. في الجهة المقابلة اليوم، أنظر حولك أنت فقط، وتخيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق